الأحد، 18 أبريل 2010

النساء والرجال

النساء والرجال.. شراكة أم استعباد؟

 

كفاح محمود كريم

 

 

    منذُ الأزل، ومع اختلاف نظريات التكوين في ما بينها، سواءٌ ما كان منها ديني أو من بنات أفكار البشر، لم تنتقص هذه النظريات من شأن النساء ودورهن كقطب من قطبين لا ثالث لهما في النشوء والتكوين، ربما تتجنى بعض التفسيرات للنصوص السماوية وتبتعد عن المعاني السامية لفلسفة الأديان في وصفها للمرأة ودورها في المجتمع، إلا أن ذلك لا يعني تماما إن الأديان قد حولت النساء إلى قطيع من العبيد؟

 

    إذن، دعونا نتفق أولا بأن هاذين القطبين كانا المؤسسين لمجتمعنا العاقل بصرف النظر عن أصول تكوينهما سواء كانا قردين أو حوتين على فكرة أخينا جارلس دارون غفر الله له ورحمه، أو كما جاء في كتبنا المقدسة إبتداءً من أبينا آدم وأمنا حواء وانتهاءً إلى ما آلت إليه الشراكة بين القطبين، وتحولت السيدة حواء إلى ( حرمة ) والسيد آدم إلى دكتاتور بغيض!.

 

    وسواء اتفقنا أم لم نتفق فقد اجتمعت معظم الأديان والفلسفات القديمة إن لم أقل جميعها على احترام المرأة وموقعها وتقديسها لدى الكثير من الشعوب في ميثولوجياتها الموروثة... ولكن؟

 

  ما الذي حول شريكة الحياة إلى ( حرمة ) أو ( عورة )؟

   هل هي النظم الاقتصادية وتداعياتها عبر الأزمان؟

   أم هي تلك المنظومة من العلاقات الاجتماعية التي أفرزتها ماكينة الاقتصاد وطبيعة البيئة والصحراء، التي كبلت الرجل وجعلته أكثر عبودية لغرائزه ومن ثم ذكورته؟

   هل كانت التفسيرات المزاجية والذاتية للنصوص الدينية التي تخدم في تأويلاتها مصالح الذكور سبباً في عبودية الرجل لذاته التي كونها من إلغاء ومصادرة بعض حقوق وإمتيازات شريكته؟

   أم هو المجتمع الزراعي والرعوي ومن ثم القبلي؟

   أم هو صراع سلطوي في الشراكة واتخاذ القرار؟

 

   مع كل هذه التساؤلات يبقى الرجل ( باعتقادي ) هو من يحتاج الحرية والتحرر لأن شريكته مسجونة في عبوديته، وعبوديته مجموعة متناقضة من أنماط السلوك والتصرف والادعاء وأمراض النرجسية والازدواجية.

 

    دعونا نتساءل بشفافية وقليل من الجرأة، ربما نتعرف أكثر على أوجاعنا التي لم نعد نحس بها ؟

 

    كم منا سمح ( لنسائه ) أن تفعل كما يريد هو أن يفعله بنساء الآخرين بصرف النظر عن النوايا ونوع السلوك؟

    كم منا أجاز ( لحريمه ) ترجمة أفكاره ( المخملية ) في التحرر والأنعتاق والمشاركة الفعلية في الأنشطة السياسية والثقافية والفنية بغض النظر عن توجهاته هو؟

    كم رجلٌ منا ( مهما كنا ) أحل لسجيناته حرية الاختيار دونما تأثير وضغوطات حتى  الإقناع؟

    من منا لا يتهم المرأة المتحررة بالفريسة السهلة والخفيفة؟

    كم من النساء قتلنا لمجرد علاقة أو دعاية أو وشاية لم تثبت كما جاء في القانون القرآني السامي ؟

    كم منا يعتقد بأن الشرف سلوك رجالي كما هو نسائي ؟

    كم منا يؤمن بأن الشرف صدق وأمانة وشجاعة وحرية لا مجرد أعضاء تناسلية فحسب ؟

    كم منا يرفض بصدق هذا النظام الاجتماعي في أسرته ويعمل فعلا على استبداله ؟

 

     إذن، التساؤلات كثيرة وربما تثير أوجاعنا التي تكلست، ولكن الإجابات على ما سبق مهما كانت فهي بالتأكيد لا تخضع للقياسات العامة التي تمنحنا استنتاجات لبناء بدائل أخرى في هذه الحقبة من الزمن، وعلى العموم فأننا أمام خيارين:

 

    إما أن يكون هذا النظام هو الأفضل لحد الآن على ضوء واقع الحال، حيث أن القطب الثاني ( يبدو والله أعلم ) راضيا عن هذه ( القسمة ).

    أو أننا إزاء ثورة اجتماعية كبرى تستدعي طاقات وتضحيات وأزمان ليست طبيعية مع عمليات تحديث واسعة لمناهج وفلسفة التربية والتعليم.

 

  وفي كل الأحوال علينا أن نتذكر دوما بأننا نعمل بأقل من نصف طاقاتنا وإحصائياتنا وأرباحنا، ونستهلك أكثر من كامل حجمنا نساءً ورجالاً وتلك معادلة خاسرة تماما؟

   وعلى ضوء ذلك لا زلتُ مصراً بأن الرجال هم أولى باسترجاع حقوقهم الإنسانية المحضة والتحرر من عبودية ألذات ( الأقوى ) وحينذاك ستكون ( الحريم ) حرائراً ولكن بعد حين.

 

kmkinfo@gmail.com