الأربعاء، 18 مايو 2011

لا تقزموا أوطانكم؟

 

لا تقزموا أوطانكم؟

كفاح محمود كريم

 

     ربما لحقب كثيرة من الأزمان نجح العديد من القادة والزعماء وكبار المثقفين والمفكرين والفنانين والعلماء والأدباء في أن يكونوا رموزا  لبلدانهم من خلال إبداعاتهم وعبقريتهم او نضالهم الدءوب من اجل الحرية والرقي، ولقد سجل تاريخ الشعوب الكثير من مواقف هؤلاء الذين ما أن تذكر أسماءهم او إبداعاتهم حتى تعرف أوطانهم وتعجب بشعوبهم وحضارتهم، فقد اضافوا الى سجل بلدانهم وتعريفات أوطانهم كما كبيرا ومتميزا من العطاء الثري، وحافظوا على سلامة وتطور تلك الأوطان بما يجعلها أكثر احتراما وفخرا بالانتماء لها.

 

     ونتذكر جميعا كيف سخر المئات من المبدعين قصائدهم وأعمالهم الإبداعية من اجل ان يتحول الوطن باجمعه الى قصيدة او رواية مسرحية أو فلم سينمائي او اختراع او علم يمجد او يظهر جانبا من جمال ذلك الوطن والشعب، ولن تتسع الكثير من الصفحات لتكفي تسجيل أسمائهم التي ما أن تذكر حتى تتبادر الى أذهاننا أوطانهم وشعوبهم، الى جانب العديد من الخالدين الذين قادوا شعوبهم الى المجد وحققوا بفكرهم وقيادتهم التحرر والانعتاق لأوطانهم دونما استبداد او دكتاتورية مقيتة، وبذلك تفخر الإنسانية بمئات الفنانين والعلماء والأدباء والمفكرين والكتاب والقادة المحررين الذين زينوا سجل بلدانهم بصفحات من الفخر والإبداع والتميز. 

 

     وبينما يعمل هؤلاء الرجال والنساء من المثابرين والجاهدين من اجل إذابة أسمائهم وإبداعاتهم في بودقة البلاد لكي تكبر أوطانهم وتتمجد شعوبهم في إيثار سامي ونبيل، تعمل مجموعات أخرى من النرجسيين والأنانيين ومرضى السلطة في كل مستوياتها أو مفاصلها كبيرة كانت أم صغيرة على اختزال الوطن وتقزيمه من خلال تلك الفردية المفعمة بالنرجسية والتسلط وزاوية النظر ذات البعد الواحد، بالتعاون مع بطانات فاسدة من الانتهازيين والمتملقين الكذابين الذين يشكلون حلقات تعمل معهم وتلتف كالأفاعي حول الرقاب لكي تغتال مفهوم المواطنة والوطن وتعمل على شخصنته واختزاله في شخص فرد او حزب، حتى يظن المرء ان ذلك الفرد انما يعني كل الوطن وتاريخه، ونتذكر جميعا واحدة من أسوء الشعارات التي رفعت وقيلت بحق الأوطان والشعوب أيام النظام السابق حينما اختزلوا بلادا من أقدم بلدان العالم وأعمقها حضارة بشخص دكتاتور حينما أوهموه بأنه نعمة من نعم السماء وقالوا:

 

اذا قال صدام قال العراق!؟

 

   لكي يدفع العراق بعد ذلك بحورا من الدماء والدموع ثمنا لتطبيق ذلك الشعار الأجوف، وخلال عقود تناسلت هذه الشعارات المقيتة وانتشرت في بلدان كثيرة لتشيع ثقافة تقزيم الأوطان واختصار البلاد في شخص حاكمها، كما يتردد اليوم من قبل بطانات ومجاميع الرئاسة في ليبيا واليمن وسوريا وهي تواجه انتفاضات سلمية مدنية  بمئات الدبابات والقتلى تحت شعارات نشاز غوغائية تأتي امتدادا للذي ذكرناه أعلاه، وربما كان أكثرها إثارة للاشمئزاز تلك التي أشاعتها المخابرات الليبية ولجانها الثورية وما شابهها في اليمن وسوريا وغيرهما:

 

الله ومعمر وليبيا وبس!؟

أو

    نعم لسادس الخلفاء الراشدين علي عبدالله صالح!؟

 

     والعشرات أو ربما المئات من مثل هذه الشعارات التي تنتشر في بلدان النظم الدكتاتورية وتلاحق شعوبها من جدار الى جدار ومن اذاعة الى تلفزيون، وفي كل مدرسة وجامعة ومسجد، وهي تعكس ازمة تلك الأنظمة،  وتظهر عمق التعقيدات النفسية والشعور بالهزيمة ومركبات النقص التي تعاني منها هي وأنظمة إعلامها المتخلف الذي لا يفقه إلا تسويق هذه الشعارات لاختزال الأوطان والشعوب في شخصيات دكتاتورية مريضة!؟

 

kmkinfo@gmail.com

الأربعاء، 11 مايو 2011

(Shehryar_Group) افعلوها وكونوا معارضة؟

افعلوها وكونوا معارضة؟   

 

كفاح محمود كريم

 

 

    كتبنا في غير مقال عن خلو العملية السياسية العراقية منذ البداية من قوى للمعارضة الوطنية تمثل الرأي الآخر وتحدث توازنا مطلوبا لمعادلة الحكم والمجتمع في آن واحد، فقد خلت الدورة السابقة وما قبلها في الجمعية الوطنية من أي شكل من اشكال المعارضة وقد بررت الحالة كون البلاد ما زالت في طور البناء الديمقراطي وتحتاج الى اجماع وتوافق، ورغم واقعية هذه المبررات الا ان المعارضة المرجوة ليست قوى مضادة او هدامة بقدر كونها تختلف مع الاخرين ربما في الرأي ليس الا وهي بالتالي قوى آمنت بالنظام الجديد وتحترم الدستور وتعمل على تنفيذه وصيانته ويفترض أن لا تكون هناك خشية من ادائها ونشاطها المعارض على الاجماع او التوافق.

 

   لقد تمنينا ان تتبلور في الدورة الثانية لمجلس النواب نواة معارضة برلمانية تتخلى عن المشاركة المباشرة في الحكم والاستأثار بالمناصب والامتيازات، وترتضي بتمثيل الرأي الآخر في المجتمع ونبض الشارع الذي لا يمكن لأي حاكم او حزب او تحالف الادعاء بتمثيله اطلاقا، وبذلك اصبح البرلمان الذي كنا نبتغيه طيلة عقود من الزمان ونحن ننظر بعين الحسرة الى مجلس العموم البريطاني او الجمعية الوطنية الفرنسية او الكونكريس الامريكي، برلماننا يكاد يفقد الطعم واللون والرائحة ويتحول الى حمام عمومي لايكاد العضو فيه يرى غيره من البخار وضجيج الكلام وصداه، وهو ما زال في مكانه مراوحا منذ عديد السنين لتوافق كل الاطراف بتقاسم الارث من السلطة والنفوذ والمال والاتفاق على كل شيئ والاختلاف على ما يفيد المواطن والاهالي!؟

 

    ومنذ عدة اشهر بعد ان اتفقت كل الاطراف على مبادرة الرئيس مسعود بارزاني في تأسيس حكومة شراكة وطنية يتقاسمها الجميع بما يخدم العملية السياسية ونجاحها وتطوير ادائها، تحول المختلفون الى التأويل والتفسير في النصوص والتواقيع منذ اللحظات الاولى، وما هي مديات الصلاحيات هنا وهناك، ومن سيكون على رأس الداخلية او الدفاع او الامن الوطني وهكذا دواليك في مجلس السياسات الاستراتيجية ومديات عمله وصلاحيات رئيسه، والمواطن مازال يأن من جراح نصف قرن كانت سنواتها الاخيرة بعد السقوط اكثر ايلاما وحسرة وفسادا!؟

 

  وبينما تتفاقم المشاكل وتتعقد اكثر من ذي قبل يصر الكثير على صراعات لا علاقة لها بالمواطن وحاجياته الاساسية اطلاقا، ويهدد البعض الاخر بالاستأثار الفعلي بالسلطة او ترك العملية السياسية وتجميد العضوية في البرلمان، ويقينا فأنه هناك مساحة واسعة من الرأي العام العراقي تريد وتتمنى ان تكون في البرلمان كتلة معارضة قوية بعيدا عن المشاركة في الحكومة او مناصبها،  وترضى لنفسها ان تكون رقيبا وموجها ومحاسبا لها بما يخدم مصالح البلاد العليا ويعزز العملية السياسية ويحمي الدستور، وبدلا من التهديد والوعيد بالانسحاب من العملية السياسية عليهم أن يفعلوها ويؤسسوا معارضة وطنية برلمانية لكي تتوازن الامور في الحكم والمجتمع وتنطلق البلاد الى آفاق اخرى قبل فوات الاوان؟ 

 

kmkinfo@gmail.com

 

 

--
========================================
أهلا بك في مجموعه ;;(شـــهريـــار);;
ملاحظه : جميع الرسائل والمقالات لاتعبر عن وجهه نظر صاحب المجموعه
 
للأشتراك أرسل كلمه ( أشتراك ) برساله الى الايمل التالي
shehryar0@gmail.com
 
للأتصال بمدير المجموعه
shryar22@yahoo.com
waleedsabr@msn.com
Skaype@waleedsabr
 
الصفحه الرئيسيه
http://groups.google.com/group/shehryar0
 
للأرسال لجميع المشتركين في المجموعه
shehryar0@googlegroups.com
 
مستعد لنشر جميع الأعلانات

الجمعة، 6 مايو 2011

   العراق والانتخابات المبكرة؟

 

كفاح محمود كريم

 

     يبدو ان الأيام تتوالى ويتم استهلاك الزمن على نفقة الأهالي بينما الفعاليات السياسية ورموزها في بغداد ما زالت تتنافس على المناصب والامتيازات ومن يستحوذ على وزارات معينة تحت تسميات السيادية تارة والأمنية تارة أخرى، وهي بمجملها تظهر مدى فقدان الثقة بين الأطراف المتنافسة ومن ثم غياب مفهوم متفق عليه للمصالح العليا للبلاد وحدود محترمة من الجميع للمواطنة التي يفترض ان تعلو على مجمل الخلافات والانتماءات تحت خيمة النظام الجديد للعراق.

 

    وفي الوقت الذي نجحت مبادرة الرئيس بارزاني في دفع عجلة العملية السياسية الى الأمام وحسم الصراع بين الكتلتين الفائزتين ( دولة القانون والعراقية ) بانجاز حكومة شراكة وطنية، إلا ان الأحداث التالية وما يجري من صراعات خلف الكواليس يظهر البون الشاسع بين الطرفين، حيث تجري الآن محاولات العودة ثانية الى المربع الأول في المبادرة، رغم حجم الخلافات التي تتكثف في الفكر والرؤية أكثر منها الى المواقع، هذا من جانب ومن جانب آخر للمشهد السياسي برمته تدلل هذه الأوضاع على هشاشة التحالفات ونوعية المرشحين الذين تم إيصالهم الى مجلس النواب، ومن ثم اختيار أعضاء حكومة الشراكة الوطنية التي اعتمدت المراضاة على حساب النوعية بصرف النظر عن مؤهلات الوزير العلمية والميدانية والمهنية، حيث سارعت كل الجهات المشتركة في العملية السياسية الى ترشيحات اقل ما يقال عنها توصيفا انها تمثل المحسوبية والمنسوبية وعلاقة المرشح سواء الى مجلس النواب او الحكومة برئيس القائمة ومن يمثله ومدى تعاونه معه (!) وسقف تأثير  عشيرته وعلاقات شيوخها وأغواتها بالقائمة او رئيسها مما يخشى من إعادة البلاد ثانية الى النظام  العشائري المقيت الذي بدأ يتبلور في غياب او ضعف مؤسسات الدولة المدنية وسلطاتها الشرعية مقارنة مع نمو هذه التشكيلات وتأثيراتها من خلال ممثليها الذين حملتهم الى مجلس النواب او الحكومة.

 

     لقد أنتجت دولة الثمانين عاما التي سادها العرف العشائري والتقاليد القروية والبدوية ذلك النظام البائس الذي شهدنا انهياره وتقهقره ودمار البلاد والعباد تحت خيمته، وهي ذاتها أفرزت هذه الأوضاع الشاذة منذ ثمان سنوات عبر قنوات العشيرة والمذهب والمنطقة والعرق بعيدا عن مفهوم المواطنة والمصالح العليا للبلاد مما يدفع الآن الى إعادة النظر بالأوضاع السائدة إزاء هذه العقدة في الاتفاق على حكومة وطنية ومعارضة برلمانية ولأجل الخروج من هذه الأزمة يعتقد الكثير ان استقالة الحكومة الحالية وتأسيس حكومة انتقالية او تصريف اعمال من اجل إجراء انتخابات مبكرة خيارا مهما ربما يؤسس لمجلس نواب أفضل ويبلور قيام كتلة معارضة في البرلمان بعيدا عن مبدأ المشاركة المباشرة في الحكومة بل مشاركة في مراقبة عملها وتوجيهها بدلا من تآكل الزمن والفرص في تنافسات وصراعات على مواقع حكومية ومناصب هنا وهناك في الوقت الذي تكبر الفجوة بين تلك الحكومة او البرلمان وبين المواطن الذي تتفاقم أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وتتقهقر الخدمات  الأساسية بينما تنشأ في المقابل طبقات فاسدة في وحول مفاصل مهمة من الحكومة والبرلمان والرئاسة.

الخميس، 28 أبريل 2011

لزكة جونسون

كرسي الإدارة ولصقة جونسون؟

 

كفاح محمود كريم

 

   بداية دعونا نتعرف على هذه ( اللاصقة ) دون ان نروج دعاية لمنتج طبي يعالج التشنجات في الجسم، وهي عبارة عن قطعة قماش أو نايلون مثقبة فيها مادة لاصقة، وبالتأكيد تحتوي على بعض الأدوية التي تعالج المناطق المتشنجة من العضلات بإلصاقها عليها لفترة معينة، وتعرف بأنها قوية الالتصاق الى الحد الذي يصعب إزالتها الا باستخدام التبخير او الماء الحار!؟

 

   وهناك ايضا مادة لاصقة اخرى يتندر بها العراقيون عموما ويستخدمونها لتوصيف الذين يبقون في أماكنهم أكثر مما يجب  فيطلقون عليهم تسمية السيكوتين، ويبدو أننا اليوم إزاء مشكلة أولئك الذين التصقوا بواسطة هاتين المادتين فوق كراسي او مكاتب الإدارات التي تولوها منذ سنوات مملة وطويلة حتى يخال المرء ان تلك المؤسسات إنما ورثوها من ذويهم حالها حال أي من الأموال المنقولة وغير المنقولة؟

 

   وفي الحالتين يتصرف هؤلاء الملصوقين بواسطة لزكة جونسون او بالسكوتين وكليهما من الصنف الانقلابي المشهور هنا في الشرق الأوسط، حيث يتحول البلد بأكمله الى ضيعة مملوكة للرئيس الضرورة، الذي يشع مواهبه وسلوكياته الى ادنى مستويات الإدارة، حيث يشعر الجميع في هيكل دولته وإداراتها بالسلطنة ويستمدون سلطانهم وقوتهم من الأخ الأكبر (Big Brother ) الذي تحدث عنه جورج اورويل* في روايته الشهيرة ( 1984)  منذ أكثر من نصف قرن.

 

   لقد ادمنت كثير من الإدارات العامة والعليا وحتى الصغيرة منها مواقعها حتى أصبحت ممالك صغيرة ضمن الدولة يتصرف فيها المدير او المسؤول وكأنه وارث الدولة في تلك المؤسسة، وربما كان ذلك مبررا ايام النظام السابق لشموليته رغم ان رئيسه كان لا يثق ببقاء أي مسؤول فترة طويلة في موقعه خوفا من تبلور أو تكلس مجاميع من الناس حوله ليؤسس شيئا يثير مخاوف النظام، الا ان ما يواجهنا اليوم وبعد اكثر من ثمان سنوات هو مواصلة الالتصاق السيكوتيني في كراسي الإدارات وبالذات ما دون كرسي الوزير او النائب، وما يترتب على ذلك من انتشار عنقودي للفساد المالي الذي طفح بشكل جعل العراق في مستويات لا يحسد عليها تحت سقف الفساد، في ظل إدارات نافست المياه الراكدة في تعفنها وانتشار رائحتها التي تزكم الأنوف؟

 

    ويبقى السؤال المهم هل ستنتج تسونامي الأنظمة المتعفنة فروعا لها حول هذه الإدارات الملصوقة بالكراسي وامتيازاتها، بما يحدث تغييرا شبيها او مقاربا لما حدث للأنظمة ورموزها الذين تساقطوا، وتزيح هذه المتكلسات في دوائر الدولة وغيرها من المؤسسات التي يعشش فيها مدراء ومسؤولين كبار وصغار نمت حولهم عناقيد من بكتريا الفساد ومجاميع من الانتهازيين والوصوليين الذين مسخوا تلك المراكز وحولوها الى إمارات وملكيات شخصية وتسببوا في تأخير نهوض البلاد وتقدمها وإضاعة فرص ذهبية للانتقال الى الضفاف الأخرى مع النخب الكفوءة والأصيلة على حساب الأكثرية من السكان؟

 

kmkinfo@gmail.com

 

* جورج أورويل: كاتب وروائي بريطاني اسمه الحقيقي إريك آرثر بلير، ولد في 1903 وتوفي في 1950م، وجورج أورويل هو الاسم المستعار له والذي اشتهر به ، ولد في قرية مونتهاري بولاية البنجاب الهندية لأسرة متوسطة الحال.

الأربعاء، 20 أبريل 2011

جاءك الموت يا تارك الصلاة؟

جاءك الموت يا تارك الصلاة؟

 

كفاح محمود كريم

 

   لم يدرك الدكتاتور العراقي السابق بأنه هناك قوة أعظم منه وأقوى وهو يسحق طيلة اربعين عاما كل من يعارضه او يختلف معه، وربما ايضا ان عنجهيته وضيق افقه جعله يعتقد ان لا آخر غيره وإن الطبيعة كما يقول تكون مساعدة للناس على الشر وفي الاعتراض عليه، رغم أنها آوته في جحر منها لعدة ايام او اشهر، فقرر بعد حادثة الدجيل التي اعدمته، إزالة كل تلك الغابات والبساتين الجميلة حول دجلة دون ان يعرف انها كانت بداية السقوط.

 

    وحينما أطلق بضع ثوار عدة اطلاقات على إحدى طائراته العمودية في أقصى جنوب العراق، قرر إزالة واحدة من أقدم مسطحات الماء في العالم وتجفيفها وتدمير مجتمعاتها وبيئتها الفريدة من نوعها بين المجتمعات الإنسانية تلك هي الاهوار العراقية، وربما كانت رأسه قد اصطدمت بجبال كردستان حينما فكر هو وابن عمه علي الكيمياوي إزالتها، وبذات ردة الفعل الهتلرية تصرف ازاء حلبجة وشقيقاتها من مدن كردستان حينما أمطرها بالغازات والأسلحة الكيمياوية، وقبلها فعل ما فعلته امريكا في فيتنام باستخدام اسلوب الأرض المحروقة، فقتل مئات الآلاف من سكان كردستان العراق ودمر ما يقرب من خمسة آلاف قرية جبلية بما فيها من حيوان وأشجار وينابيع مياه ودور عبادة ودراسة، وهجر اكثر من نصف مليون انسان من مكانه الى امكنة نائية وغريبة عن بيئته، حتى ضن ان لا رئيسا غيره ولا قوة الا قوته!؟

 

    ولقد شهدنا أخيرا نهايته المخزية ليس على كرسي المشنقة كما أراد ان يعوض في فعاليته، بل حينما عثروا عليه مختبئا في تلك الحفرة وأخرجوه بذلك الشكل المهين، وقد تذكرت هذه المشاهد وأنا أراقب إلقاء القبض على رئيس ساحل العاج في غرفة نومه بعد ان تسبب في مقتل الآلاف من الأهالي بسبب تشبثه بالسلطة وتوهمه بأنه القوة العظمى في بلده فانتهى خاسئا مهزوما الى زنزانته!؟

 

   وهكذا يستمر مسلسل كشف عارات هؤلاء الطغاة، فقد أزاحت العاصفة التي تضرب سواحل المتوسط والخليج الغطاء عن حقيقة من يحكم تلك البلدان الذين يتساقطون الواحد تلو الآخر، حيث شهدنا هروب الرئيس زين العابدين حينما اختصر الطريق الى جده تاركا ملايينه الورقية والمعدنية في دواليب غرفة نومه وهرب، وظهر الآخرون على حقيقتهم الدموية كما نشاهدهم في زنقات ليبيا وميادين صنعاء ودرعا البطلة، حيث بدأوا بالوضوء قبل سكرات الموت بلحظات لتأدية الصلاة التي تركوها منذ استبدوا في حكمهم، وهم في مهب العاصفة يقارعون طوفانات من المنتفضين، لا تهمهم حمامات الدماء التي سيخلفونها في هروبهم او سقوطهم المشين، كما سقط رئيس ساحل العاج لوران غباغبو، تراهم يخطبون ويعلنون انهم سيصلحون ما أفسدوه في سنوات مجونهم السياسي كالذي يدركه الموت ويتذكر الصلاة، ولات حين مناص وصدق من قال:

 

جاءك الموت يا تارك الصلاة؟

 

kmkinfo@gmail.com

 

الأربعاء، 16 مارس 2011

العراق بين القدوة والعبرة؟

العراق بين القدوة والعبرة؟

 

كفاح محمود كريم

 

     في الوقت الذي يرى الكثير من المراقبين والمختصين إن انتفاضة كردستان والجنوب في ربيع 1991م كانت اختراقا كبيرا وفريدا لحاجز الخوف والرعب الذي فرضته الأنظمة الدموية طيلة ما يقرب من نصف قرن، ورغم اتفاق دول عاصفة الصحراء الضمني على إبقاء نظام صدام حسين في الحكم بشكل مشلول ومحاصر، فقد استطاع الشعب في كردستان العراق تأسيس نظامه السياسي البرلماني وأنجز مؤسساته الديمقراطية بعيدا عن استبداد ودكتاتورية النظام في بغداد، يرى آخرون من المتفائلين ان ما حصل في العراق قبل ثمان سنوات سيكون بداية النهاية للنظم الشمولية في المنطقة والعالم على خلفية تطور نظام الاتصالات والعولمة في السنوات الأخيرة والذي رفع الستار عن عورات النظم الاستبدادية وفعائلها المشينة بحق شعوبها، حيث لم يعد العالم المتحضر يتحمل دكتاتورا ينكل بشعبه ويبيد معارضته بشتى الأسلحة مع وجود وسائل الإعلام الفضائية وغيرها التي ساهمت بشكل فعال في كشف عورات هذه الأنظمة أمام العالم والإنسانية، خصوصا مع وجود قوى دولية عظمى مسنودة من قبل المنظمة الأممية ومجلس أمنها الذي يصدر قراراته او موافقاته على شن الحرب او الحصار على تلك الأنظمة أو ما يشبه ذلك مما يعجل في إسقاطها وإنهاء حكمها كما حصل هنا في نيسان 2003م.

 

    ومن جهة أخرى فما حصل بعيد الاحتلال وانهيار النظام وهروب رئيسه وقيادات حرسه وحزبه دق جرس الإنذار لكثير من تلك الأنظمة والشعوب، حيث سادت عمليات التخريب والحرق والتدمير والنهب والسلب للمال العام والذي أطلق عليها تسمية الحواسم، حيث أباح رئيس النظام لأعضاء حزبه وأجهزته الاستحواذ على الممتلكات العامة المنقولة ومن ثم اعتبارها ملكا لهم في حالة عدم عودته!، وما فعله سيئ الصيت برايمر في حله للجيش والإعلام والأوقاف والداخلية ومنظومات الامن الوطني التي تركت البلاد والمجتمعات في فوضى عارمة باستثناء إقليم كردستان العراق الذي كان يتمتع باستقلال ذاتي عن النظام، مما دفع معظم كوادر هذه المؤسسات إلى الانتقال مباشرة للخندق المقابل والمضاد للعملية السياسية التي بدأت في إحداث التغيير الديمقراطي وبناء دولة المؤسسات، سواء كان هذا الخندق مملوكا أو موجها من قبل القاعدة أو منظمات التطرف الديني او لمخابرات دول الجوار او بقايا تنظيمات حزب النظام الذي تشتت الى اجنحة وافخاذ مناطقية وقبلية ومذهبية ومخابراتية، مما سهل قيام دوامة العنف وإدامتها وإعاقة عمليات التحول والبناء.

 

    هذه التطورات التي افرزت حربا طائفية مقيتة وبلورت محاصصة انحدرت الى مستويات قبلية وفردية بعيدة عن فكرة المواطنة والتوافق بين المكونات المعمول بها في كثير من البلدان ذات التنوع العرقي والقومي والديني، وما رافق ذلك من فساد مالي واداري وتهافت على المناصب والامتيازات وضياع مبدأ المواطنة بين هذه التجاذبات وطوفان الانتهازية والتسلق على سلالم المحسوبية والمنسوبية، أحال عملية انهيار النظام وهروب قياداته وتداعيات البدائل الى بعبع ارعب كثير من شعوب المنطقة وقواها السياسية المعارضة التي كانت وما زالت تعاني من الاستبداد والدكتاتورية في انظمتها السياسية من أن تتحرك باتجاه التغيير، بل ودفع كثير من تلك الأنظمة الى التورط في الملف العراقي الداخلي درءً لمخاطر انتقال التجربة العراقية بجانبها الايجابي والمتطور اليها، وبالذات تلك التي تشابه العراق في تكوينها العرقي والقومي والديني والمذهبي.

 

    وربما تسببت هذه التخوفات وهذا التحسب لما يقرب من ثمان سنوات من عدم سماع أي صدى لها في المنطقة لفعل العراقيين منذ 2005م وما أنتجته انتخاباتهم الشهيرة في تكوين مجلس حقيقي للنواب ودستور دائم يضمن حقوق كل المكونات القومية والعرقية والدينية، ومن ثم تجاوز تلك الثقافة البائسة في حكم الفرد والحزب الواحد واعتماد حرية الرأي والتعبير وقبول الآخر المختلف وتأسيس دولة المؤسسات والمكونات حينما أدركت ان العراقيين تجاوزوا حاجز الخوف في انتفاضتهم الشهيرة وأسسوا لغد قادم يكون قدوة للآخرين كما يحصل الآن ومنذ انتفاضة تونس ومصر حيث تتجه العيون الى بغداد في السلب والايجاب، بل ويتداول المنتفضون ذات المصطلحات والمطالب في تقديم رموز انظمتهم الى محاكمة علنية والغاء أي دور لنظامهم السابق وما يتصل به من احزاب ومؤسسات ومنظمات وفكر متخلف، وتأسيس دستور دائم ومعاصر يضمن كل الحريات والحقوق والواجبات.

 

     لقد أكدت الأحداث في كل من تونس ومصر ان التجربة العراقية لم تغب عن بال المنتفضين رغم ما رافق تلك الانتفاضتين من خروقات حادة سواء من السلطات او من الغوغاء الذين اندسوا في صفوف المتظاهرين، فقد صرح اكثر من مسؤول في ميدان التحرير بالقاهرة ان العراق يبقى الدرس الكبير الذين تعلمنا منه الكثير فهو العبرة وهو القدوة ايضا!؟

 

kmkinfo@gmail.com

الجمعة، 18 فبراير 2011

من أجل كردستان أجمل

من أجل كردستان أجمل

 

كفاح محمود كريم

 

    يتزايد الحديث عن الفساد والإفساد في المال والإدارة في إقليم ما زال تحت التأسيس في بنيته التحتية والفوقية والوسطية، فهو منطقة تعرضت خلال عشرات السنين الى حروب عديدة وعمليات ابادة وحرق شامل للأرض وما عليها، راح ضحيتها الآلاف من القرى والمزارع والبساتين والمدارس والجوامع والكنائس، وتم تغييب أهاليها الذين اقترب عددهم من 182 ألف طفل وامرأة وشيخ، تم اكتشاف بعض مقابرهم الجماعية التي ضمتهم، بينما ما يزال آلاف مؤلفة أخرى مفقودة تماما، إضافة الى ما تركته تلك الحقبة السوداء من آثار بالغة على تكوين الفرد النفسي والاجتماعي سواء كان هذا الفرد مواطنا عاديا أم موظفا في الدولة ومؤسساتها.

 

    لن نتحدث عن كل تلك المآسي فهي تحتاج الى مجلدات، لكننا سننتقل الى ما بعد الانتفاضة العظيمة التي ارست الاستقلال الذاتي عن الدكتاتورية التي مارست ابشع انواع الحصار على تلك المنطقة مع حصار الأمم المتحدة الذي حول الإقليم الى مكان معزول تماما الا من الحرية التي تمتع بها الأهالي وذاقوا طعمها لأول مرة بعد عشرات السنين من الحكم الدكتاتوري المقيت، ودفعوا ثمنا باهظا من اجلها طيلة سنوات الصبر والمقاومة منذ ربيع 1991م وحتى سقوط النظام في نيسان 2003م.

 

     لقد رافقت عملية بناء الإقليم العديد من الصعوبات والتحديات الكبيرة منها الخارجية وضغوطاتها التي وصلت ذروتها الى منع وصول أي شيء يساعد او يكرس استقلال البلاد او استقرار وتطور أوضاعها، ومنها الداخلية التي وصلت هي الأخرى الى ذروتها في الحرب الأهلية وما نتج عن ذلك من مآسي وويلات وتخريب للاقتصاد المدمر اساسا، إضافة الى الحصار المزدوج من قبل نظام بغداد والأمم المتحدة ودول الجوار الذي ضيق الخناق على الأهالي وضاعف مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية، كما رافق تلك العملية ايضا العديد من الأخطاء والفساد في ظل الظروف التي ذكرناها، ونشأت طبقات طفيلية كثيرة كانت وما تزال أشبه بالعناقيد تستوطن هنا وهناك وتعيش على مظاهر المحسوبية والمنسوبية والصراعات الداخلية ابان عقد التسعينات من القرن الماضي مما خلق مجاميع من المرتزقة والانتهازيين استطاعوا بشكل او بآخر النفوذ الى بعض المواقع تحت خيمة المصالحة الوطنية او التنافس الحزبي مما اربك عملية البناء والتحديث التي يقودها ذات الثوار الذين انجزوا الجبهة الكردستانية في نهاية ثمانينات القرن الماضي وقادوا انتفاضة الربيع في آذار 1991م.

 

    لقد تم انجاز الكثير في طريق البناء وخاصة ما له علاقة بالبنية التحتية للإقليم وفي ما يتعلق بالتربية والتعليم والجامعات والمعاهد ومشاريع الماء والكهرباء والسكن والطرق والمواصلات وتنظيم المدن وتشريع القوانين وما يخص السلم والأمن الاجتماعيين قياسا بما تم تنفيذه خلال نفس الفترة في العراق عموما وبشهادة كل من زار الإقليم سواء من المسؤولين والمواطنين العراقيين او من الإخوة والأصدقاء القادمين من بلاد أخرى، ومع وجود كل التناقضات والأخطاء ايضا التي رافقت عملية البناء والاعمار والتحديث بشكل عام على مستوى الإقليم، الا ان ما تم انجازه ربما يتجاوز كل ما انجزته الدولة العراقية منذ تأسيسها وحتى سقوط نظامها السياسي في نيسان 2003م للمنطقة. 

 

       لقد دعا رئيس الاقليم بشكل شفاف كافة الأحزاب والكتل والأفراد والصحافة والإعلام الى تشخيص مكامن الفساد ومراكزه ورموزه بشكل دقيق وموثق وشجاع من اجل كردستان افضل واجمل واطهر، بشكل يعكس التطور الحضاري للإقليم وممارساته الدستورية تحت قبة البرلمان ومؤسسات الدولة وقوانينها.

 

      انها عملية ليست هينة ولا تقتصر على اشخاص بذاتهم في سلم المسؤولية بل هي عمل جمعي وموقف وطني يتطلب مصارحة القيادة ومؤسساتها في السلطات الثلاث بشكل واضح وشجاع تلبية لدعوة الرئيس مسعود بارزاني في اقليم تأسس بانتفاضة عظيمة كانت الأولى من نوعها في المنطقة ضد اكبر الدكتاتوريات في العالم، وقد انتجت تلك الانتفاضة حكم الشعب لنفسه في اول انتخابات عامة حرة ونزيهة افرزت مؤسسات كردستان التشريعية والتنفيذية والقضائية التي صاغت قوانينها وتشريعاتها تحت قبة البرلمان من خلال اعضاء تم انتخابهم بشكل حر ومباشر من الشعب لأول مرة في تاريخ البلاد.

 

    ان الاجتماعات الأخيرة لأحزاب كردستان وفعالياتها السياسية ممن هي في الحكم او في المعارضة بدعوة من رئيس الاقليم لمناقشة اوضاع البلاد وما يجري حولها ودعوة البارزاني للجميع في التعاون من اجل محاربة الفساد والقضاء على مكامنه انما تأتي لإشراك كل الأهالي وممثليهم في الأحزاب السياسية والمؤسسات الصحفية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني بالعمل من اجل ذات الأهداف التي يعمل لها الجميع حتى تكون كردستاننا الأفضل والأجمل والأطهر،  فشعب كردستان الذي انتفض قبل ما يقرب من عقدين من الزمان وأسس حكمه ونظامه الديمقراطي الدستوري، سينجح اليوم من خلال تلك المؤسسات في تطوير وتحديث وتطهير تلك المفاصل التي طالتها فايروسات الفساد من اجل وطن أجمل نفتخر به ونفاخر.

 

kmkinfo@gmail.com