نتذكر جيدا واحدة من اكثر اساليب النظام السابق ميكافيلية واستهتارا بالقيم الانسانية حينما كان يستخدم المدنيين في حروبه ويضعهم دروعا بشرية تارة في قصوره وتارة اخرى في المعسكرات ومصانع الاسلحة ومقرات حزبه بغية الاذعان الى مطاليبه او البقاء في السلطة خلف تلك الدروع من النساء والاطفال، وتارة اخرى في صراعاته مع القوى السياسية المعارضة له، حينما كان يعتقل افراد الاسرة من الاطفال والنساء والشيوخ ويساوم على تسليم او استسلام اولادهم المعارضين لنظام حكمه والعاملين في صفوف المعارضة في كردستان او في اوربا.
واذا كانت تلك السلوكيات مبررة ذات يوم لأن القائم بها دكتاتور طاغي وحزب ميكافيلي فاشي فما بالنا اليوم والعديد من الكتل والاحزاب السياسية تنتهج من ناحية المبدأ نفس النهج والمنحى في استخدام المرأة والعشائر استخداما ميكافيليا للوصول بأعلى عدد من هؤلاء الى كراسي البرلمان ليتم توجيههم عبر الريمونت كونترول السياسي من مقرات تلك الكتل والاحزاب كما صرح لي احد الاعضاء القياديين لكتلة برلمانية اختلط فيها الحابل بالنابل حينما سألته عن الخليط غير المتجانس في تجمعهم المثير قوميا وطائفيا وايديولوجيا فقال يا أخي المهم أن نحقق أكبر عدد من المقاعد وليس المهم نوع من سيذهب الى هناك لأن التوجيه من هنا وأشار بيده الى جهاز الريمونت كونترول!؟
المؤلم حقا ونحن في واحدة من اهم مراحل تطور حياتنا في التحول الى نمط جديد يفترض أن يكون اكثر تحضرا في الحياة الاجتماعية والسياسية، ان تستخدم المرأة كوسيلة لأستجداء الاصوات ومن ثم الاستحواذ على مقاعد اكثر للكتلة أو الحزب بغض النظر عن نوعية تلك المرأة ووعيها ومستواها العلمي او الثقافي او الوطني واحيانا كثيرة بصرف النظر حتى عن العمق النضالي والمصداقية الاجتماعية لتحقيق تلك الغاية في عدد مقاعد البرلمان التي سيتم الحصول عليها بواسطة النصف المشلول من المجتمع وذلك باستخدامه لعناصر مشلولة من هذا النصف بل ومغيبة تماما عما يحصل لبني جنسها، بدلا من أن يعمل على اختيار عناصر فعالة قابلة لأجراء التحديث والتحول في مجالات الحياة عموما وفي مقدمتها العلاقات الاجتماعية ودور المرأة وحقوقها والتربية الاسرية الحديثة التي تعتبر منطلق لأجراء أي تحول جذري في المجتمع بعد تحرير المرأة من تلك القيود.
وفي جانب آخر لا يقل خطورة وتراجعا عن استخدام المرأة كوسيلة للحصول على مزيد من المقاعد، راحت الكثير من الكتل والاحزاب السياسية وللاسف الشديد الكثير منها من المحسوبين على الديمقراطيين واللبراليين، تغازل مجاميع من شيوخ العشائر ورموزها من خلال ترشيح العديد منهم او من تابعيهم الذين عرفوا عبر تاريخ بلادنا وبالذات فترة حكم البعث وتصنيفهم الى موديلات واستحداث دائرة لهم في رئاسة الجمهورية وتحويلهم الى مخبرين وطبالين للسلطة ورأسها بامعيتهم السلطوية وتبعيتهم الدائمة لكل السلطات والانظمة وانتهازيتهم المعروفة للحفاظ على مصالحهم المرتبطة دوما مع النظام بصرف النظر عن ماهيته او شرعيته، الا القلة القليلة التي اختارت خندق الشعب وحافظت على قيمها واصالتها، والغريب انها مبعدة حتى الان!؟
حقا انها ممارسة لا تقل خطورة وسوءً عن تلك التي كان يستخدمها ذلك النظام في دروعه البشرية لحماية نفسه وابقاء نظامه اطول فترة في الحكم، واليوم يتم استخدام النساء بصرف النظر عن النوعية وبعض العشائر وشيوخها بصرف النظر عن تلك العقلية التي تصنف بأنها واحدة من اهم اسباب تخلفنا وتقهقر مجتمعاتنا وبلادنا ومدنيتها. اذ كيف سيكون حال ذلك البرلمان الذي يضم عناصر من هذا النوع والشكل، وأي سياسيون ومشرعون يمكن ان ينتجهم هذا المجلس النيابي اذا كانت الغاية هي الامتيازات الشخصية والتحريك بالريمونت كونترول لأتخاذ القرار وتشريع القوانين، بينما تعتبر السلطة التشريعية واحدة من أهم مدارس اعداد السياسيين والتشريعيين وقادة البلاد في كل العالم المتحضر وفي كل مناحي الحياة!؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق